السعادة المحرمة
السعادة المحرمة
مقال ماري كاثرين - مترجم بتصرف
النقاط الأساسية :
· يعاني الكثير من النفور من السعادة.
· يساعد فهم هذا النفور على وضعه في سياقه وتطبيعه.
· بمجرد أن نفهمه جيداً، يمكننا أن نغير ذلك النمط ونبدأ ببطء في الترحيب بالسعادة مرة أخرى.
· تمرين صغير للتعود على الفرح في حياتك.
مقاومة و/أو تجنب المشاعر الإيجابية هي أحد الأشياء التي تحدَّت التفسيرات المُرْضية في علم النفس منذ القرن التاسع عشر على الأقل. الجنس البشري معروف ببحثه النشط عن المتعة ورغبته في تحقيقها، فكيف إذاً ولماذا تكون السعادة هي أكثر ما نتجنبه في بعض الأحيان ؟
الباحثة (برينيه براون) أطلقت على هذا النمط "السعادة المحرمة" وتصفه بأنه يحدث عندما تشعر بالخوف من الانخراط في الأخبار الجيدة واللحظات الرائعة وشعورك بالسعادة، وتجد نفسك في انتظار حدوث "الأمر الحتمي".
الكثير منا يعلم هذا الشعور جيداً ولكن مجدداً، لماذا ؟ ما هو بالضبط مصدر هذا النفور ؟
أحد التفسيرات المقترحة هو "الصدمة"؛ تجربة عاطفية لا تطاق تختم عالمك بمعنى معين لا يمحى. إذا تعرضت لصدمة ما في حياتك، فهذه بعض الأسباب التي توضح لماذا تميل إلى تجنب السعادة وأي شعور إيجابي بشكل عام.
1. اليقظة المفرطة: يعلق الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة أحيانًا في اليقظة المفرطة. اليقظة المفرطة هي حالة نفسية تجد نفسك فيها تقيم باستمرار التهديدات المحتملة التي تحيط بك، حتى عندما تكون في مكان آمن (على سبيل المثال، في المنزل، في مطعم، إلخ). إذا علمتك الصدمة أن العالم مكان خطير، فقد تنخدع للاعتقاد بأن البقاء شديد اليقظة هو الطريقة الوحيدة لتكون آمنًا. ونظرًا لأن الشعور بالفرح يقلل تلقائيًا من حالة الخوف هذه، فقد يجعلك أيضًا تشعر بمزيد من الضعف، هذا الضعف في عالم مخيف بالنسبة لك يجعل الفرح لا يطاق ولذا تتجنبه.
2. التخدير العاطفي: نظرًا لأن الصدمة تنطوي على مشاعر لا تطاق، فإن تقنية التأقلم الشائعة جدًا هي التخدير العاطفي، ولكن المشاعر شديدة للغاية بحيث لا يمكن تحملها، ولذا فإننا نخدرها من أجل التأقلم. المشكلة هي أننا لسنا جيدين في تخدير المشاعر بشكل انتقائي، لذلك ينتهي بنا الأمر إلى تخدير مشاعرنا بالكامل. ينتج عن هذا إضعاف المشاعر الإيجابية أيضًا.
3. الارتباك العاطفي: يمكن أن تعطل الصدمة قدرتك على تفسير مشاعرك والاستجابة لها بدقة. يمكن أن يصبح الشعور بالعاطفة القوية مزعجًا، حتى لو كانت إيجابية. يمكن أن يجعل هذا الارتباك المشاعر الإيجابية بشكل عام تبدو وكأنها أجراس خطر، مما يؤدي إلى تجنبها.
4. الخوف من الخسارة: إذا كنت قد تعرضت لصدمة، فمن المحتمل أنك تعرف تمامًا مدى خطورة الفرح. المشاعر الإيجابية شديدة ولكن يمكن تحطيمها في لحظة. يمكن أن تؤدي تجربتها تلقائيًا إلى فكرة "أوه لا، هذا سينتهي. من الأفضل تجنبه بدلاً من المعاناة من الألم الذي سيأتي من فقدانه ".هنا ننتقل إلى توقع الخطر أو المأساة بمجرد أن نشهد شيئًا إيجابيًا من أجل الاستعداد للخسارة المحتملة. على الأقل نعتقد «لن نفاجأ هذه المرة».
5. الارتباط الشرطي : لقد عرفنا منذ عام 1920 عندما أجرى (جون بي واتسون) تجربته الشهيرة على ألبرت الصغير، أن الخوف يمكن تحفيزه بسهولة. إذا واجهت عاطفة إيجابية في موقف تحول لاحقًا إلى صدمة، فقد يؤدي ذلك إلى خلق ارتباطات قوية بين المشاعر الإيجابية من أي نوع والأحداث السلبية اللاحقة. لذا قد يؤدي ذلك إلى التجنب اللاواعي للسعادة و/أو المشاعر الإيجابية لأنك تخشى أن تتحول إلى مواقف مؤلمة.
6. الشعور بالذنب والعار: على الرغم من عدم إثبات تلك النقطة علمياً، إلا أن الناجين من الصدمة غالبًا ما يشعرون بالذنب أو العار -يمكن أن يحدث هذا أيضًا في الحزن- عند الشعور بالفرح بعد تجربة مؤلمة. على سبيل المثال، حالة "ذنب النجاة". يعتبر فيها الشخص أنه ارتكب ذنبًا للبقاء على قيد الحياة في موقف معين بينما لم ينج شخص آخر. وينشأ أيضًا عندما يعاني شخص قريب منك من ظرف سيئ لا يتضمنك. يمكن أن يحدث ذلك أيضًا في المراحل اللاحقة من الحزن، عندما تبدأ في الرجوع للشعور الطبيعي مرة أخرى ثم تشعر بالذنب من فكرة نسيان أو تجاوز أحبائك المفقودين..
7. القيمة الذاتية: يمكن أن تؤثر الصدمة بعمق على إحساسك بقيمة الذات والهوية. هذا لأنه من الشائع بعد الصدمة أن يبلور الناس اعتقاداً جوهرياً بأنهم مشوهون أو مكسورون. وهذا يجعل من الصعب جدًا الانخراط في مشاعر السعادة لأنها تبدو وكأنها شيء لا يحق لك الحصول عليه.
ماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك إذا كان الشعور بالفرح شبه مستحيل، ولا يمكن تحقيقه، بل أيضاً خطير؟
لقد طورت ممارسة مع عملائي أسميها "أفراحًا صغيرة جداً"؛ وهي ممارسة نقوم فيها بتوسيع نطاق المشاعر الإيجابية للفرح وصولاً إلى نسخة أقل رعبًا وتهدف إلى ملاحظة أشياء صغيرة جدًا موجودة بالفعل في حياتنا تجلب لنا السعادة.
يمكن أن يكون هذا صغيرًا مثل فقاعة الصابون، أو قوس قزح يتسرب عبر أرضية غرفة المعيشة. من خلال الانخراط في هذه الممارسة على مدار اليوم، يمكن للمرء الانخراط في مستوى آمن من الفرح يشعر بأنه أقل تطرفًا أو اضطرابًا.
تم تبني هذه الممارسة بالنظر إلى مفهوم بيتر ليفين للتدرج في الشفاء من الصدمات، حيث يتم الاستكشاف التدريجي للأحاسيس المؤلمة بجرعات صغيرة يمكن التحكم فيها، مما يسمح للجهاز العصبي بمعالجة الشعور دون أن يصبح مرهقًا.
إذا علمنا أن الغوص في المشاعر الإيجابية أمر مزعج للغاية بالنسبة للجهاز العصبي لشخص يتعامل مع الصدمة، فإن ممارسة القليل من الفرح تجعل جرعة الفرح أصغر وبالتالي أكثر قابلية للإدارة.